قضايا منوّعة

تفريغ نفسي للأطفال اللبنانيين المتأثرين بالحرب: الشفاء من الداخل

مرَّ أطفال لبنان بظروف صعبة خلال الاعتداءات الإسرائيلية، وبشكل خاص خلال الهجمة في عام 2024. لم يشهد هؤلاء الأطفال التدمير على الشاشات فحسب؛ بل عاشوه في الوقت الحقيقي. فقدان الوالدين أو أحدهما، صوت المقاتلات، القصف الليلي، وشهادة تدمير المنازل خلق صدمة نفسية لا يزال يعاني منها الكثيرون.

بينما قد لا يمتلك معظم الأطفال القدرة على التعبير عن ألمهم، هناك خوف داخلي، وغضب، وحزن ثقل حمله على أجسادهم الهشة. وهنا تأتي عملية التفريغ النفسي بمثابة وسيلة لإنقاذ نفسي، تهدف إلى تحرير هؤلاء الأطفال من الآثار السلبية للحرب على ذاكرتهم.

الآثار النفسية للصدمة على الأطفال بعد الحروب:

يتعرض الأطفال الذين يعيشون في أجواء الحرب إلى:

– بكاء مفاجأ ومتكرر دون أسباب محددة.

– صعوبة في التعامل مع نوبات الذعر والقلق المستمر.

– كوابيس وأرق

– مشاكل في التركيز والدراسة

– سلوك عدواني وهجومي

– سلس البول

– فقدان الإحساس بالأمان

إذا لم يتم التعامل مع هذه الأعراض بحساسية وتفكير عميق، فقد تستمر لسنوات وتؤثر على التطور العاطفي والاجتماعي للطفل على المدى الطويل.

أهمية التفريغ النفسي بعد حالات الحرب :

التفريغ النفسي هو العملية التي يعبر من خلالها الأطفال عن مشاعرهم المكبوتة بطريقة غير مباشرة وآمنة، من خلال وسائل فنية أو فعلية أو تفاعلية تساعد على استعادة توازنهم العاطفي.

بعد التعرض الى حالات الصدمة إثر العنف الناتج عن أجواء الحروب من أصوات الإنفجارات إلى رؤيتهم لمنازلهم تدمر او تهبط و الأهل لا يستطيعون إنقاذها و الخوف الذي تبعثه هذه المشاهدات والتفاعلات على أنفسهم كل هذا يشكل انهيار الامان العاطفي والإستقرار والإطمئنان النفسي لهم ،حيث يتوجب على الأهل أولا و البئية و المحيط من أقارب وأشخاص قريبين و المجتمع من تهيئة الظروف المناسبة لتعافي هؤلاء الاطفال تشافيهم من الاثر السلبي عليهم بعد الحروب.

من أفضل طرق التفريغ النفسي للأطفال بعد الصدمات:

1. طريقه عمل الرسم العلاجي : يعتبر الرسم من انواعع التفريغ العلاجي للاطفال عن طريق تفريغ الافكار السلبية و الطاقات الثقيلة على انفسهم عبر الالوان و الرسوم المعبرة او الخرابيش حتى.

2. اللعب الحسي الحركي:عبر استخدام المعجون و السلايم و الرمل السحري الذي يمكنهم من خلاله تنفيذ احلامهم ببناء منزل مثلا في ارض الواقع او تشكيل لعبة يحبون إقتناءها أو إختراع شخصية،وهذا يكله يساعد في تخفيف التوتر والتقليل من ارتفاع هرموناته ،وفي المقابل رفع مستويات هرمونات السعادة مما يرجع بحالة نفسية أفضل وسكينة أعلى للطفل.

3. التفريغ الحركي:الرقص والجري او القفز بالهواء و الموسيقى،فهذه الحركات الرياضية و محاولة موائمة الحركات مع الإيقاع كله يسهم في اشغال إنتباههم في أعمال مبهجة للنفس و لإستعادة التوازن الكيميائي للهرمونات جيدة العائد على هدوءهم سكينتهم.

4. السباحة و الأنشطة الخارجية المنتظمة:تزيد من فرص المغامرة و المشاركة مع الآخرين وبالتالي إنشاء شخصية واثقة وتتكل على ذاتها.

5. الأنشطة الكشفية المشتركة والنوادي:تغني ثقافاتهم في التشارك وتنمي حس الإنتماء وتزيد من صداقاتهم مما يعود بتغذية راجعة جيدة لثقة بالنفس وتأسيس شخصية إجتماعية و بالتالي تخفيف التوتر الناتج عن الصدمات.

الدور التربوي للأسرة والمجتمع:

_توفير بئية امان عاطفي

_عدم ردع الطفل عن التعبير عن مشاعره

_محاولة ابعاده عن الاحداث المؤلمة و الصادمة قدر الامكان

_تفهم ردود الفعل المفاجأة والغير متوقعة من الطفل

_انشاء فرق او جمعيات ومختصين نفسيين لرفد هؤلاء الاطفال بالمعنويات وبناء مساحات للعب و التفريغ النفسي.

في الختام،الصدمات دائما ما تترك آثارا طويلة الأمد في النفس البشرية للأطفال.إذ أنهم يملكون حساً مرهفاً ومخزون لغوي أقل ومعرفتهم بالعالم من حولهم لم تكتمل بعد ،وهنا يأتي دور الأهل في المرتبة الأولى والمختصين و المجتمع في المرتية الثانية في إعادة التوازن و الأمان لنفس هذه الطفل،و إشعاره بالأمان وإعادة بناء صورة حقيقية لما يجب أن تكون عليه الأمور.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى