من المرمى

كرة القدم اللبنانية في العناية الفائقة

كرة القدم اللبنانية في العناية الفائقة.

في بلد يعاني من انهيارات متتالية، لم تسلم الرياضة من الانحدار، وعلى رأسها كرة القدم اللبنانية التي كانت يومًا ما مصدر فخر لجماهيرها، لكنها اليوم تعاني من واقع متدهور

معاناة لاعب: مهدي فحص نموذجاً

يروي اللاعب مهدي فحص رحلته اليومية من الجنوب إلى بيروت لحضور التمارين. يستيقظ باكرًا، يحضّر أغراضه، يقطع مسافات طويلة لساعات، فقط ليتمكن من الراحة قبل التدريب. لكن هذه المشقة اليومية لا تُقارن بالإصابات الثلاث التي تعرض لها، أبرزها الرباط الصليبي، بسبب سوء أرضية الملاعب. مهدي واحد من مئات اللاعبين الذين يعانون سوء أرضية الملاعب و الواقع السيىء لكرة القدم والإمكانات المتواضعة وسوء ادارة، عوامل أدت الى تراجع كبير لكرة القدم اللبنانية على مستوى الأندية والمنتخب.

الأندية: انهيار رياضي بلا مساءلة

تراجُع مستوى الأندية اللبنانية بات ملموسًا، ففرق كالنجمة والأنصار والعهد خرجت مبكرًا من البطولات الآسيوية، باستثناء العهد الذي أحرز لقب غرب آسيا ووصل لنهائي كأس الاتحاد الآسيوي. ويشير مطلعون على أوضاع الأندية ان سبب التراجع يعود في جزء منه الى عدم الإهتمام بأرضية الملاعب الصلبة التي تضر باللاعبين كثيرًا.

المنتخب… انعكاس مباشر للواقع المتدهور

هبط تصنيف المنتخب اللبناني إلى المرتبة 120 عالميًا، كما تراجع ترتيب الدوري اللبناني إلى المركز 27 آسيويًا، ما حرم لبنان من المشاركة في بطولات قارية كبرى.

المدينة الرياضية… من صرح وطني إلى ساحة مهمَلة

من يزور ملعب المدينة الرياضية ياحظ بسرعة أنه غير صالح لاستقبال مباريات كرة قدم بل تحول من ملعب إلى ملعب لسباق الكلاب واختيار ملك جمال الكلاب كل يوم أحد على أرضه، هذا الصرح الرياضي يختزل كل معاني العجز والتآكل فغابت المباريات والجمهور المشجع واجتاحته لاعشاب الكثيفة.

فضيحة ملعب المدينة الرياضية يشهد كالكثير من الملفات اللبنانية تقاذف مسؤوليات. يرمي الاتحاد الكرة في ملعب الحكومة التي تعاني بدورها على صعيد كل الملفات لكنها تتناسى ملف الرياضة بشكل كبير.

ملاعب أخرى: من صيدا إلى بيروت… واقع واحد

ملعب بلدية صيدا: لا يشبه العشب الصناعي، ولا يصلح حتى لزراعة البطاطا. .

بهذا السوء أصبح ملعب بلدية صيدا الذي تقع مسؤولية ادراته على عاتق البلدية، عدم إصلاح الملعب سببه سياسي. وقد غاب ملعب صيدا البلدي عن استضافة الأحداث الرياضية منذ عدة سنوات حيث لعب منتخب لبنان مبارياته الرسمية على الملعب. ولم يستضف الملعب منذ ذلك الحين لم تُلعب أي مباراة رسمية ضمن الدوري أو أي بطولات ينظمها اتحاد كرة القدم، وذلك بسبب خضوع الملعب لسلطة بلدية صيدا.

ملعب بيروت البلدي: خلاف بين البلدية والنائب نبيل بدر يعطّل تأهيله خوفًا من استغلال سياسي.

ملعب بيروت البلدي الملعب الذي كان يقصده أهالي بيروت للعب عليه ومشاهدة المباريات الكبيرة وخصوصا مباربات فريق الأنصار الذي كان يتخذه ملعبا له،أصبح اليوم غير صالح لممارسة حتى الركض على عشبه.

كانت بلدية بيروت قد رفضت سابقا تأهيله من قبل النائب نبيل بدر رنيس نادي الأنصار الحالي خوفا من أن يتحول الملعب لجهة معينة فقط و أن يسيطر عليه هذا النائب لأنه يمتلك جمعية.

إذا بين السياسة والمساعدة، ذهب الملعب البلدي إلى المجهول.

إخبار قضائي… واتهامات بالفساد

واقع المنشآت وكرة القدم اللبنانية دفع البعض الى تقديم إخبار منذ فترة؛ يرتكز الى تحقق جرائم النيل من الوحدة الوطنية وتعكير الصفاء بين عناصر الأمة والتسبب بالفوضى وتخريب المنشآت العامة وعدم تأمين الحماية اللازمة للمنشآت نتيجة قرارات وتصرفات أعضاء رئيس وأعضاء الاتحاد اللبناني لكرة القدم وإلى اليوم لم يُحرّك ساكنًا في هذا الملف.

في بلد تُخنق فيه المواهب قبل أن تولد، تبقى كرة القدم في لبنان مرآة لواقع أوسع… طموحات كبيرة، لكن بلا بنية، بلا دعم، وبلا أمل حقيقي بالتغيير.

ربما أكثر ما يؤلم في كرة القدم اللبنانية، ليس فقط غياب الدعم أو هشاشة البنية التحتية، بل الإحساس الدائم بأن الجهد يذهب سدى، وأن الحلم يُستهلك في دوامة من الإهمال والتسييس والفساد. مواهب تُقتل بصمت، ملاعب تُهمل، وأندية تُركن إلى مصيرها بلا تخطيط. في مكانٍ آخر، كرة القدم وسيلة للنهضة والتغيير، أما هنا، فهي مجرد وسيلة للنجاة، لا تُثمر إلا وجعًا إضافيًا. وللأسف، لا يبدو أن هناك ضوءًا قريبًا في نهاية هذا النفق الطويل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى