عافية

لبنان يُسجّل إنجازًا طبّيًّا تاريخيًّا… مع أوّل جراحة روبوتيّة متطوّرة للكبد

لبنان يُسجّل إنجازًا طبّيًّا تاريخيًّا… مع أوّل جراحة روبوتيّة متطوّرة للكبد!بدأ القِطاع الصحّي اليوم في استِعادة دورَهُ الرّائِد بخُطوات واثِقة. ليعُودُ اليوم لمُواكبة التّطوّر التّكنولوجي الكبير في عالَم الطبّ. في سابقة طبّيّة على مستوى المنطقة، شهد لبنان أول عملية جراحية روبوتيّة مُتطوّرة للكبد. في خطوةٍ واعِدة بمُستقبل مليء بالأمل لمَرضى الكبد والبنكرياس. تفتَح المجال أمام تعميم استعمال الرّوبوت في الجِراحات الدّقيقة بُغية الحصول على أفضل النّتائج.
اليوم، الحَدث الطّبّي الأهمّ تَمَحوَر حول استخدام الرّوبوت في أحد أصعَب العملِيّات، أَدقُّها وأكبَرُها وهي عمليّة الكبِد. استضافَ مُستشفى المَشرِق هذا الحدث الطبّي المُميّز بالتّعاوُن مع مركز Ircad Liban.

https://cliniquedulevantsm.com/ar/%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%81%d8%ad%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3%d9%8a%d8%a9/

https://www.ircad.fr/the-institute/history/

واكبَ “مِرسال” الحدث، وكان لهُ مُقابلة مع رئيس قسم جراحة الجِهاز الهضمي في مُستشفى المَشرِق الدّكتور علي شُكُر، حيثُ تمّ اكتشاف الكثير حول سَير هذه العمليّة وتفاصيل أُخرى مُتعلّقة بها.

دِقّة أعلى وأَلَم أقَلّ
بدأ الطبيب علي شُكُر بالحديث كيف يتِمّ إجراء العمليّة حيثُ قالَ: “الجِراحة عِبارة عن ثُقوب، ولا جُرحًا مَفتوحًا. ما يعني ألم أقلّ، حركة أسرَع بعد الجراحة وخروج أسرَع من المُستشفى. وأيضًا لن يحتاج المريض للبقاء في العِناية المُركّزة نظرًا لنسبة النّزيف القليلة.
تَكون خسائِر سوائِل الجِسم أيضًا أقلّ من العَمليّة المفتوحة لأنّ خِلالَها يحصُل تبخُّر لسوائل الجسم. الروبوت في الواقع عبارة عن جهاز يقوده الجراح ليتحرّك داخل المريض بدقّة وفعاليّة.
الرّوبوت يُساعِد على رؤية والوُصول إلى أماكِن صعبةَ المَنال في الجراحة المفتوحة. وهذا لأنّ الرّوبوت يملك إمكانيّة تكبير الصّورة عَشرةِ أضعاف، ويملِك أيضًا تقنيّة التّصوير ثُلاثيّةَ الأبعاد ومِن جميعِ الزّوايا. بعكس الجراحة المفتوحة، تكون فيها الرُّؤية مُسطّحة. لكِن عن طريق الرّوبوت، نرى الأعضاء من جميع الزّوايا.
الجِراحة الرّوبوتيّة موجودة منذُ زمَن، لكن استخدامَها في لبنان محدود بسبب كلفتِها الباهِظة، ولا يزال لُبنان يعيش في أزمة اقتصاديّة صعبة لا تسمح لهُ بتعميمِها إلى حدٍّ كبير. لكن لا شكَّ اليوم أنَّها تشهَد تطوّرًا كبيرًا، واستخدامِها اليوم في زراعة وجِراحة الكبد أمر بالِغ الأهمّيّة.
بعدَ أَن كانَت هذه الجراحة صعبة جِدًا في الماضي، أصبحت أقلّ صعوبة و خطورة عمّا كانت عليه سابِقًا”.
الجراحة الروبوتية للكبد

https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%A7_%D9%87%D9%8A_%D8%AA%D9%82%D9%86%D9%8A%D8%A9_%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF

 

التَّكلِفة التّقريبيّة لإطلاق هذه الجِراحة
أضاف الدّكتور علي أنّ “كلفة العدّة الرّوبوتيّة أعلى من الجِراحة المفتوحة. تكلفة الرّوبوت الواحِد تَصِل إلى ثلاث ملايين دولار، دون أن ننسى التّدريب الذّي يخضع له الفريق الطّبّي. يخضع أعضاؤُهُ لتدريب يستمِرّ نحوَ أسبوع أو أكثر قليلًا، وِفقًا لقدُرات كُلّ جرّاح ويتمّ هذا التّدريب برعاية مركز “إيركاد لبنان”.
حيثُ يبدأ الجرّاح بتعلّم إجراء خياطة الجرح أي “قطبة جراحية”، ثم العمل على إجراء عملية افتراضية ليصل إلى مرحلة العمل على جسد المريض.

في بدايات استخدام الرّوبوت، كان يُستعان بهِ للعمليّات السّهلة لاكتساب الخِبرة المطلوبة. ومع الوقت، جميع الجرّاحين في العالَم، والتّقنيات المُتوفّرة في الرّوبوت والتطوّر التّكنولوجي الحاصل في العالم، دفع البلدان إلى الاعتماد عليه في العمليّات.
انطلقت هذه الجراحة بعد ثلاث سنوات من التّحضير مع اتِّخاذ الإجراءات اللّازمة. في الواقع، الجراحة الرّوبوتيّة في مُستشفى المَشرِق لم تبدأ من عام ٢٠٢٥، بل من عام ٢٠١٦ في مجال جراحة البنكرياس والبروستات والرَّحم. نقوم بإجراء ستّةَ عَشَرَ جراحة روبوتيّة للبروستات وأربع عمليّات شهرِيًّا للبنكرياس. هذه العمليّة تُعطي أيضًا أَمَل لمرضى السّرطان حيثُ تكون فرص نجاح العمليّة والشِّفاء مُرتفِعة”.
اليَوم، جميع أنواع الجِراحة المفتوحة ممكِنة مع وجود الرّوبوت. ولا يُمكن لجرّاح إجراء العمليّة دون أن يكون قد خضع للتّدريب، وهذهِ المرحلة تُسمّى بتراكُم الخبُرات حتّى يصِل الجرّاح إلى أصعب عمليّة مُمكنة تُجرى عبر الرّوبوت.

ماذا عن الجِهاز الّذي يتمّ استِخدامَهُ؟
أوضَحَ الدّكتور علي أنَّ”هُناك جهازَين نلجَأ لهُما خلال إجراء هذه الجراحة. والرّوبوت وحدَهُ لا يُجري العمليّة، بل الجرّاح. وجودَهُ أساسي في غُرفة العمليّات. الرّوبوت الّذي يُساعد في هذه العمليّة يُدعى DavinciXI.

يُعدّ هذا الجِهاز ثورة في عالَمِ الطّبّ. وهو مؤلّف من أربعة أذرُع روبوتيّة تفاعُليّة ثلاثةٌ مِنها مكوّنة من معدّات جراحيّة. الذِّراع الرّابِعة عبارة عن كاميرا ثُلاثيّة الأبعاد لنقلِ الصّورة إلى وِحدةِ التّحكُّم. هذه الأذرُع الرّوبوتيّة قادِرة على الدّوران بزوايا تصِل إلى ٧٢٠ درجة، مُتجاوزة قدرات مِعصَمِ الإنسان.
يحتوي الجِهاز أيضًا على نظام فيديو ويقوم بتصوير العمليّة عبر كاميرا دقيقة وينقُلَها مُباشرةً إلى غُرفة التحكُّم. وهُناك أيضًا مُكبّرات الصّوت في جوانب الجِهاز، ينقل الصّوت لمسافاتٍ بعيدة حتّى لو كانت بُلدانًا”.

https://miamiroboticprostatectomy.com/ar/da-vinci-robot/

واقِع وتحدِّيات
وخَتَم الدّكتور علي ب”على الرُّغمِ من هذا الإنجاز، تبقى الإمكانات الماليّة للمريض تحدٍّ حقيقي. لأنّه للأسف اليوم لا تشمُلُها تغطية الجِهات الضّامِنة في لُبنان. وهذه عمليّة مُكلفة جِدًا تصِل كُلفَتُها لأربعةِ آلافِ دولارًا وليسَ بإمكان الجميع دفع هذا المبلغ. الرّوبوتات بحدّ ذاتِها قد تحتاج للصّيانة وتصِل كلفة صيانتِها إلى ٣٠٠ ألف دولارًا. حتّى مع وجود هذا التّطوّر التّكنولوجي النّوعي والكبير لا يزال هُناك تحدّيات وعقبات قد تُواجِهَنا”.

أثبَتَ الأطبّاء اللُّبنانيوّنَ اليوم أنّهُم جنود الخطّ الأوّل سواء في الأزمات أو الإنجازات. رُغم الأزمات المُتعدِّدة، يُثبِت لُبنان مُجدّدًا قُدرته على احتضان التّكنولوجيا الطبّيّة الحديثة. ووضع اسمَهُ بينَ الدُّول المُتقدِّمة في مَجال الرِّعاية الصحّيّة والجِراحة المُتطّوّرة.

نور طبّارة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى