منصّة أفلامنا: نافذة على السينما العربية ودعم للخرّيجين الجدد.

منصّة أفلامنا: نافذة على السينما العربية ودعم للخرّيجين الجدد.
اجتمع عدد من المخرجين اللبنانيين والعرب لإتاحة أفلامهم عبر الإنترنت عند إغلاق الصالات السينمائية حول العالم بسبب جائحة كورونا، عام 2020، بدافع إيصال أعمالهم إلى الجمهور. من هنا، ولدت فكرة “أفلامنا”، بجهد من جمعية “بيروت دي سي” – وهي جمعية ثقافية غير ربحية مقرها بيروت، تهدف إلى دعم صناعة الأفلام في المنطقة العربية.
أطلقت الجمعية موقعًا إلكترونيًا موحّدًا يجمع الأفلام العربية المستقلة، ويجعلها متاحة مجانًا للجمهور في مختلف أنحاء العالم. لاحقًا، في عام 2021، تمّ تطوير منصّة رقمية متكاملة تحت اسم “أفلامنا”، تقدّم محتوى سينمائيًا مستقلًا بمستوى احترافيّ، وتوفّر للمستخدمين إمكانية مشاهدة الأفلام عبر التّسجيل المجّاني.
برمجة شهرية ومواضيع من صميم الواقع
تعتمد “أفلامنا” نظام البرمجة الشّهرية، حيث يُعرض كل شهر ما بين 4 إلى 6 أفلام، على أن ينشر فيلم أو أكثر كل أسبوع ليكون متاح للمشاهدة لمدة 14 يومًا. تتنوّع هذه الأفلام بين روائية، وثائقية، درامية، كوميدية، أنيميشن وتجريبية، تحمل مواضيع ترتبط مباشرةً بالقضايا الاجتماعية، البيئية، السّياسية والثّقافية في العالم العربي، كما تعرض المنصة أفلاما كلاسيكية مرمّمة نادرًا ما تُتاح مشاهدتها للجمهور.
يتم اختيار الأفلام بالتعاون مع مبرمجين سينمائيين (مخرجين، نقّاد، منتجين، أو مؤسسات ثقافية)، وتُعرض بعد الحصول على حقوق العرض القانونية من المخرج، المنتج أو الموزّع. تسعى المنصّة لأن تكون أغلب الأفلام متاحة عالميًا، لكن في بعض الأحيان، تُفرض قيود جغرافيّة من أصحاب الحقوق، مما يؤدّي إلى عرضها في مناطق محددة فقط.
بين عامي 2020 و2022، تختار المنصّة كل شهر موضوعاً معيّناً، وتُعرض أفلام تتناول موضوع من وحي الأحداث الآنية. فعلى سبيل المثال، عند اندلاع الحرب على غزة، خصّصت المنصّة برنامجًا كاملًا للأفلام الفلسطينية، وكذلك فعلت خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، فقد عرضت في هذه الفترة أفلام عن ذكرى حرب تموز إضافة لمجموعة أفلام تتناول الحروب والاجتياح الإسرائيلي.
مسابقة الأفلام القصيرة: دعم للمواهب الناشئة
ضمن مبادراتها لدعم المخرجين الشّباب، أطلقت “أفلامنا” خلال العامين الأخيرين مسابقة الأفلام القصيرة، التي تُقام بشكل دوري.
تقوم المنصّة بطرح موضوع محدّد، وتفتح الباب للمشاركة عبر “نداء مفتوح” (Open Call). يقدّم المخرجون أفلامًا تتماشى مع الموضوع المطروح، وتُختار منها بين 10 و15 فيلمًا للعرض على المنصّة ضمن قسم مخصّص للمسابقة، لمدّة شهر كامل. يُتاح للمشاهدين التّصويت لأفلامهم المفضّلة، ويُمنح الفيلم الفائز – بناءً على تصويت الجمهور – جائزة نقديّة تشجيعيّة بقيمة 500 يورو.
تميّزت هذه المبادرة بشفافية عالية في عملية التصويت، إذ يمكن للمستخدمين رؤية عدد الأصوات التي حاز عليها كل فيلم. وقد شهدت المسابقة إقبالًا لافتًا، حيث استقبلت منصّة أفلامنا أكثر من 250 فيلمًا من أنحاء العالم العربي، وعن الدعم المالي للمنصّة تقول رينا عويط مديرة مشروع منصّة أفلامنا أن المؤسّسات الثقافية التي تشارك مع المنصّة بالبرمجة، تساهم في تغطية حقوق العرض لجميع التّكاليف، إضافة لوجود داعمين و جهات مانحة مهتمة بالأفلام والثّقافة اللّبنانيّة والعربيّة.
سلسلة وثائقية تعليمية بالتعاون مع “اتجاهات”
في خطوة إضافيّة لتعزيز المحتوى المعرفي، أطلقت “أفلامنا” هذا العام سلسلة قصيرة من ستّ حلقات، بالتعاون مع مؤسّسة “اتّجاهات”، تركّز على صناعة الفيلم الوثائقي في العالم العربي. كل حلقة تتناول جانبًا مختلفًا من هذه الصناعة، من خلال مقابلة مع مخرج متخصّص بالأفلام الوثائقيّة. وتُعرض بالتوازي أفلام هذا المخرج على المنصّة، ليتمكن الجّمهور من ربط ما يُقال في المقابلة بالتجربة الفيلمية الفعليّة، تُشكّل هذه السّلسلة مصدرًا مهمًّا للطلاب وصنّاع السينما الناشئين، إذ توفّر لهم مواداً تعليمية غنيّة عن تقنيات الكتابة الوثائقية، والتعامل مع الشخصيّات، وبناء السّرد في الفيلم الوثائقي.
شراكات ثقافية ومهرجانات عربية ودولية
تعقد “أفلامنا” شراكات متعددة مع مؤسّسات ومهرجانات سينمائية، بهدف إثراء محتواها والوصول الى جمهور أوسع . على سبيل المثال، تعاونت المنصّة لمدّة عام كامل مع مهرجان “أفلام” في مرسيليا – فرنسا، حيث عُرض كل شهر فيلم من أرشيف المهرجان بمناسبة عيده العاشر. كما أقيمت شراكة مع مهرجان “سَفَر” للسينما العربية في لندن، لتسليط الضوء على أفلام لبنانية حول الحرب الأهلية، تماشيًا مع موضوع المهرجان السنوي.
تعتبر منصّة أفلامنا” بمثابة جسر يربط بين المشاهدين وصنّاع الأفلام، خاصّةً الناشئين، مما يسهم في إثراء المحتوى العربي وتوسيع نطاقه.
http://instagram.com/renee.awit
ملاك اسكندر -هدى فليطي