متفرقات

الدورات التدريبية في الصحافة: شهادة للعمل أو قيمة مضافة

الدورات التدريبية في الصحافة: شهادة للعمل أو قيمة مضافة

في ظلّ تزايد الإقبال على الدورات التدريبية في مجال الصحافة والإعلام في لبنان، يبرز ملف المعاهد غير المرخصة كإحدى القضايا التي تشكّل تهديدًا للمستقبل المهني للمتدربين. وقد أكّد رئيس مصلحة التأهيل المهني والتقني الأستاذ سايد فرنسيس خلال حديثنا معه، أنّ التّرخيص للمعاهد الخاصّة يخضع لإجراءات قانونية صارمة تبدأ بتقديم طلب رسمي يتبعه تحقيق ميداني يشمل تنسيقًا بين وزارة الداخلية، وزارة الصحة، الدفاع المدني، والمحافظة المعنية. “لا نمنح التّرخيص إلا بعد التأكد من توافر كافة الشّروط، وخصوصًا تجهيزات التدريب العملي مثل الاستوديوهات والمعدّات التّقنية اللازمة.”

يشير فرنسيس أن هناك معاهد كثيرة تعمل في السوق اللبناني دون الحصول على هذا التّرخيص، وتُعلن عن دورات تدريبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن ليست جميع هذه المعاهد مرخّصة قانونيًا، ما يجعل شهاداتها أو إفاداتها غير معترف بها رسمياً. مؤكداّ أن أي شكوى تُقدّم عنهم، يتم رفع كتاب لمديرية القضايا المعنية بمتابعة الأمور في القضاء، من خلال كشفٍ ميداني تقوم به لجنة فنية ترسلها المديرية، ليتم بعدها مراسلة المحافظ واتخاذ الإجراء اللازم سواءً بالإقفال أو الإنذار. واصفاً هذا الوضع بال “خداع” للمتدربين الذين يدفعون أموالًا مقابل دورات لا تؤهّلهم بشكل فعليّ ولا تمنحهم أي ضمانات قانونية أو مهنيّة.

بدوره يشرح السيد فرنسيس أن الدورات التي تنظمها المديرية العامة للتّعليم المهني والتقني، لا تمنح شهادات ديبلوم بل تقدم إفادات مشاركة، موضحاً أن شروط دورات الدبلوم تختلف عن الدورات التدريبية الأخرى، حيث تقسّم الدورات على ثلاثة أو ستة أو تسعة أشهر، ضمن برنامج تضعه الوزارة وتوزعه على المراكز المرخّصة، على أن يخضع جميع المشاركين لإمتحان ختامي لتأخذ الوزارة بعدها القرار بإعطاء الشهادة. تخضع هذه الدورات لموافقات ومتابعة مستمرة تضمن جودتها ومصداقيتها، على عكس المعاهد غير المرخصة التي لا تخضع لأي رقابة.

ويُحذّر من أن التعامل مع هذه المعاهد قد يؤدّي إلى إهدار الوقت والجهد والمال دون تحقيق أي مكاسب مهنيّة، لأن ما تصدره من شهادات أو إفادات غير معترف بها في سوق العمل المحلي أو حتى خارجه. كما أن التفاوت في جودة التدريب وعدم وجود معايير موحّدة يجعل من الصّعب تقييم مستوى المتدربين أو ضمان اكتسابهم للمهارات المطلوبة.

في هذا السياق، يضيف السيد فرنسيس أنّ المديرية تعمل بالتعاون مع الجهات القضائية المختصّة على متابعة المراكز غير المرخّصة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، في حال بروز شكوى معينة، وذلك بهدف حماية المتدربين وضمان حقوقهم.

خلال تواصلنا مع Bekafi.com، الذي ينظّم دورات تدريبية في مجالات صحافية متعددة، تبيّن لنا أنه ليس معهداً، بل موقع إخباري استقصائي، يقدّم دورات تدريبية بالتعاون مع المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع.

أما بالنسبة للشهادة، فهي تُمنح للمتدرّبين الذين يُكملون عدد الساعات المحدّدة، وتُعرف باسم “شهادة حضور” موقَّعة من رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع.

وفي ما يخص قدرة هذا الموقع على تخريج صحافيين متمرّسين، أكّد مدير الموقع أن الأمر يعتمد على الأشخاص أنفسهم، ومدى التزامهم بالحضور واكتساب الخبرات اللازمة، مشدِّداً على أن الشهادة الجامعية ليست شرطاً أساسياً للعمل في هذا المجال، إذا توفرت الخبرة والمهارات المطلوبة.

وأضاف أن الموقع لا يمنح دبلوماً في هذه المجالات، لكنه يوفّر للأشخاص الجادّين والذين يكتسبون مهارات عالية، فرصة للعمل ضمن الموقع لاكتساب الخبرة.

في السياق نفسه تقول مودّة بيطار خريجة المعهد الفني والتقني في اختصاص التمريض، “شاركت بدورة تدريبية في مركز تدريبات، اكتشفت لاحقاً أنّه غير مرخّص ” لقد درست دورة تدريبية بعنوان الإعداد والتقديم الإعلامي” حيث كان شعار الدورة “حبّك للظهور على الشاشة يكفي لتكون معنا، نقدم لك دورة متكاملة تأهّلك لتقديم البرامج ” ما دفعها للتسجيل، لتحصل عند انتهاء الدورة على إفادة مشاركة، “لقد تكلّفت بما يزيد عن 300 دولار، لدورة مدّتها شهر ونصف، لأحصل على إفادة مشاركة؟” مضيفة ان المركز يقوم على تشبيك العلاقات بين المشاركين والمنصات الإعلامية ما يوفر فرص عمل لبعض الموهوبين.

على المقلب الآخر، تقول مروى أخضر، مسؤولة العلاقات العامة وشؤون المتدربين في مركز UCMT على أهمية الالتزام بمعايير الجودة والتحديث المستمر للمناهج، وضمان توفير بيئة تدريبية مجهزة بأحدث التقنيات، ما يضمن تأهيلًا حقيقيًا للمتدربين. وتُبرز أهمية التركيز على الجانب العملي واستخدام أدوات وتقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي في التدريب الإعلامي، لضمان مواكبة المتدربين للتحديات المهنية الفعلية، مشيرة أن المركز يقدم شهادات مرخصة، وأن معظم المشاركين في دورات دبلوم مرتبطة باختصاص الصحافة يجدون فرص عمل بعد الانتهاء من الدورة أو حتى خلالها.

جنان المصري الطالبة التي شارك في دورة دبلوم في الإعداد والتقديم في المركز، أكّدت لنا حصولها على وظيفة في الإعلام في قناة كربلاء الفضائية من خلال دورة الدبلوم “لقد درست الدبلوم مع زوجي المتقاعد من سلك الدولة وأنا خريجة في الأدب العربي، ولقد حصلنا على وظيفة في الإعلام من خلال هذه الدورة”.

بين المراكز المرخّصة والغير مرخّصة وبين الخاضعة للرقابة والغير خاضعة، يبقى التساؤل عن التّحديات التي تواجه مهنة الصحافة في لبنان. ان كان لجهة وجود مراكز تدريبية ربحية وغير مرخّصة قانونيًا، مما يثير تساؤلات حول جودة التّعليم والتّدريب المقدّم وكيفية مراقبته. او لجهة اخرى عن حقيقة خلق فرص عمل للمتدربين بمراكز مرخّصة بعد دورة دبلوم بمادة من مواد الإعلام، بينما يواجه الطلاب الجامعيون في نفس الاختصاص صعوبة في الحصول على وظائف. هذه الفجوة تثير القلق وتحتاج إلى معالجة جادّة لضمان تكافؤ الفرص وتطرح التساؤل عن كيفية فتح أبواب دخول المهنة دون الحصول على شهادة جامعية فيها.

فيما يبقى ضمان جودة التدريب والتنظيم حجر الزاوية لتأهيل صحفيين مهنيين وموثوقين ويستلزم تضافر جهود الجهات الرسميّة والمعاهد المعتمدة لتوفير بيئة تدريبية آمنة وفعّالة تساهم في تطوير الإعلام اللبناني.

ملاك اسكندر -هدى فليطي

https://www.facebook.com/share/p/1C1ggXjHHe/?mibextid=wwXIfr

https://www.facebook.com/share/p/1ReWLNm27i/?mibextid=wwXIfr

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى