تَك تِكمتفرقات

الذكاء الاصطناعي والمُعالج النفسي: تكامُل أو استبدال؟

الذكاء الاصطناعي والمُعالج النفسي: تكامُل أو استبدال؟

يؤدي الذّكاء الاصطناعي دوراً محورياً في تحسين وسائل تشخيص الاضطرابات النّفسيّة ورسم بروتوكولات العلاج. اليوم لم يعُد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة للحصول على المعلومات، بل تطوّر ويُستخدم بشكل واسع في تقديم النصائح العاطفية. حالِيًّا يلجأ إليه عدد متزايد من الاشخاص لتخفيف مشاعر الوحدة والحُزن، ويدعَم الاختصاصيّين النفسيّين إلى حدّ كبير ومتابعة رحلة العلاج. بعض التّطبيقات الذكية اليوم تواكب المستخدمين، فتسجّل مشاعرهم، وتقترح تمارين نفسية وسلوكية تساعدهم على تجاوز ما يشعرون به من إحباط ونوبات القلق المفاجئة.
السّؤال الجوهري المطروح اليوم هو: هل يصبح الذكاء الاصطناعي بديلًا عن المُعالج النّفسي في المُستقبل؟

من أبرز التّطبيقات التّي تُقدِّم الدّعم النّفسي في الأوقات العصيبة:
Noodle-
Woebot Health-
Wysa-
Replica-

هذه التطبيقات لا تعد بديلاً نهائياً للعلاج النفسي التقليدي. لكنَّها باتت تشكّل أدوات داعمة تُلبّي حاجة ملحّة للرّاحة النفسية، خاصة للمراهقين. في تلك الفترة قد يواجهون صعوبة في التّعبير عن مشاعرهم أو طلب المساعدة من الأهل أو المختصين.
من خلال واجهات بسيطة وأسلوب تفاعلي، تساعدهم هذه الادوات على التنفيس عن ضغوطهم اليومية، ومواجهة القلق والمزاج المتقلب، في بيئة يشعرون فيها بالأمان والخصوصية.

يعتمد العُلماء اليوم بشكل متزايد على الخطاب العلاجي للمريض. باعتبار أن اللغة هي الأداة الأساسية للتعبير عن الصحة العاطفية والعقلية.
واليوم فتحت التّطورات الحديثة في الذكاء الاصطناعي آفاقًا جديدة في هذا السياق. إذ بات بإمكان الأنظمة الذكية استنتاج الحالة النفسية للمستخدم وفهمِها، عن طريق تحليل لغته المكتوبة أو المنطوقة، عبر تطبيقات ومصادر بيانات متعددة.

في صدد هذه الظاهرة نقلت لنا نور عسراوي تجربتها مع الذكاء الاصطناعي، “الجميل في الذكاء الاصطناعي أنّه يُعطي حلول سريعة، في وقت قد لا نتمكّن فيه من التّواصُل مع المُعالج النّفسي. نستفيد مِنهُ كثيرًا في أوقات الأزمات، وعِندَما نحتاج لتفريغ ما بداخِلِنا. ولكن للأسف قد لا يملِك النّظرة الكُلّيّة للأمور، بعكس المُعالج النّفسي، يُشجِّع على مُحاولة رُؤية الأمور من زاوِية مُختلِفة. لا يُمكن أبدًا أن يكون الذّكاء الاصطناعي بديلًا عن المُعالج النّفسي البشري”.

وكانَ للطبّ النّفسي رأيًا أيضًا في هذا الموضوع، حيثُ ترى الأخصائية النفسية شاديا فليطي أنّ “الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفّر دعمًا أوليًا وفوريًا للأشخاص في أي وقت ومكان، خاصة من خلال تطبيقات الدردشة المنتشرة اليوم، ما يُسهّل على البعض طلب المساعدة دون الشعور بوصمة العار المرتبطة بالعلاج النفسي التقليدي. وتُشير إلى أن كلفته المنخفضة تجعله خيارًا متاحًا في البيئات ذات الدخل المحدود، إضافة إلى قدرته على تحليل البيانات النفسية والسلوكية بدقّة، وتقديم اقتراحات علاجية قد تساعد الأخصائيين في اتخاذ القرار المناسب”.

لكن الأخصّائية تحذّر من مخاطر عدّة، أبرزها غياب التّفاهم الإنساني والعمق العاطفي، وهو ما لا يمكن تعويضه إلا من خلال المعالج النفسي البشري. كما تطرّقت إلى المخاوف الأخلاقية من اختراق الخصوصية نتيجة تخزين وتحليل البيانات النفسية الحساسة، وإلى احتمال اعتماد بعض الأفراد على هذه الأدوات بشكل مفرط، ما قد يؤخّر التدخل البشري الضروري في الحالات المعقّدة، مثل التفكير بالانتحار أو اضطرابات الهوية.

وترى أن الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يُستخدم كبديل للمُعالج بل كأداة مُساعِدة تُخفّف من حدّة الاعراض وتُساعد في احتواء الازمات، وتدعم المُتابعة والتقييم، دون المَساس بالدَّور الإنساني في العلاقة العلاجية. وتختُم بالتأكيد على أهميّة عدم تهميش الأخصّائي النّفسي البشري، في ظلّ تنامي الاعتماد اليومي على التّكنولوجيا.

أظهرت دراسة حديثة أهميّة الدّمج بين التّكنولوجيا والعلاج البشري في رعاية الصّحة النفسية، حيث قُسِّم المشاركون إلى مجموعتين: واحدة تلقَّت علاجًا تقليديًا من أخصائيين نفسيين مُؤهّلين، وأخرى استخدمت روبوت المحادثة “فريند”.

https://share.google/8oFv52pddjqhmfB7E

وعلى الرُّغم مِن أنَّ كلا العلاجين ساهَما في التّخفيف من أعراض القلق، أظهر العلاج التقليدي فعالية أكبر، إذ سجّل انخفاضًا بنسبة 45% في مستويات القلق مقارنة بـ30% لدى مستخدمي روبوت المحادثة، وفقًا لمقياس هاملتون. هذه النتائج تُبرز أهمية التفاعل البشري في العلاج، خصوصًا في حالات الأزمات التي تتطلّب قدرًا من التعاطف والمرونة.

اختبار الاكتئاب (مقياس هاميلتون)

مع ذلك، كشفت الدّراسة عن مزايا ملموسة لروبوتات الدردشة أبرزها سهولة الوصول، وانخفاض التكلفة، والتوافر الفوري، ما يجعلها أداة مساعدة فعالة خاصة في المناطق المتأثرة بالنزاعات أو التي تعاني من نقص في الخدمات النفسية. وتوصي الدراسة باعتماد نهج هجيني، يجمع بين الذكاء الاصطناعي والعلاج التقليدي، كخيار مستقبلي واعد لتوسيع نطاق الدعم النفسي ومواكبته للمتغيِّرات والضُّغوط الحديثة.

في الوقت الذي يُظهر فيه الذّكاء الاصطناعي قدرة متزايدة على تقديم دعم نفسي سريع وفعّال، تبقى محدوديّته في فهم التّعقيد العاطفي للإنسان تحدّيًا أساسيًا. فرغم فعاليّته في خفض أعراض القلق وتوفير الاستجابة الفورية، لا يمكن أن يُعوّض تمامًا دور المعالج البشري القادر على التفاعل بمرونة وتعاطف.

لذا، تبدو الحاجة اليوم ملحّة لاعتماد نهج هجيني يجمع بين الذكاء الاصطناعي والعلاج التقليدي، لضمان دعم نفسي شامل ومتوازن. ومع تزايد استخدام هذه التكنولوجيا، تبقى المسؤولية مشتركة في تطويرها أخلاقيًا، وحمايتها لخصوصية الأفراد، وتعزيز دور الإنسان لا استبعاده.

https://www.oracle.com/ae-ar/artificial-intelligence/what-is-ai/

https://www.webteb.com/mental-health/diseases/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9

https://share.google/8oFv52pddjqhmfB7E

https://obstan.org/quizzes/%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%A6%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%B3-%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86/

نور طبارة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى